بقلم : محمد غربي

جلالة الملك محمد السادس و بان كي مون

 

 

العاهل المغربي وجه تحذيرا صريحا للأمين العام الأممي ، بأن أي سعي لتغيير مهام بعثة المينورسو بالصحراء سيكون بمثابة إجهاز على المسلسل الجاري ويتضمن مخاطر بالنسبة لمجمل انخراط الأمم المتحدة في هذا الملف.

كما كان متوقعا لم يتأخر الرد المغربي على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الصحراء و الذي قدمه يوم الخميس 11 أبريل لمجلس الأمن و المكون من 15 صفحة تحمل  توصيات بضرورة مراقبة أوضاع حقوق الإنسان بكل من الأقاليم الصحراوية و مخيمات تندوف على السواء، و تحذر المغرب من الإستغلال ‘الجائر” للثروات الطبيعية بالمنطقة. هاته التوصيات وجدت صداها في المغرب حيث أفاد بلاغ للديوان الملكي ظهر يوم السبت 13 أبريل، أن  صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، أجرى اتصالا هاتفيا مع السيد بان كي مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل بحث التطورات بشأن قضية الصحراء، حيث أثار جلالته انتباه الأمين العام إلى “ضرورة الإحتفاظ بمعايير التفاوض كما تم تحديدها من طرف مجلس الأمن، والحفاظ على الإطار والآليات الحالية لانخراط منظمة الأمم المتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة، والخيارات المحفوفة بالمخاطر، و أن أي ابتعاد عن هذا النهج سيكون بمثابة إجهاز على المسلسل الجاري ويتضمن مخاطر بالنسبة لمجمل انخراط الأمم المتحدة في هذا الملف”. و كانت المسؤولة الثانية في وزارة الخارجية المغربية مباركة بوعيدة قد دعت مجلس الامن في وقت سابق إلى “التركيز على الحل السياسي” بدل التركيز على “مسائل ثانوية”. موضحة ان المغرب ينتظر “اعترافا بجهوده في مجال حقوق الانسان” في المنطقة.

و من خلال قراءة متأنية لهذا الرد المغربي و الذي يأتي سريعا و من أعلى سلطة في البلاد، لا بد و أن نلمس صرامة و قوة طالما كنا ننادي بها في تدبير هذا الملف خصوصا مع القوى الغربية، و لا نحتاج للتذكير أن أي تغيير في مهام بعثة المينورسو لتشمل مراقبة أوضاح حقوق الإنسان بالصحراء هو ضرب في الصميم للسيادة الوطنية ، و انتقاص جسيم يفتح الباب على تطورات خطيرة في الملف قد تعصف بمصالح المغرب و تهدد وحدته الترابية.

و لتحليل الرد المغربي على توصيات الأمين العام الأخيرة بشأن الصحراء ، سنجد أن المغرب قد أعطى تحذيرا صريحا و مباشرا “لبان كي مون” مفاده أن أي سعي لتغير إطار عمل “المينورسو” من طرف الأمم المتحدة يعني آليا طرد القوات الأممية من الصحراء و إنهاء عمل كافة اللجان و البعثات التابعة للأمم المتحدة بالأقاليم الجنوبية و انسحاب المغرب من مسلسل المفاوضات و هو تصرف سيادي صرف يضمنه القانون الدولي للمغرب بفعل وجوده الفعلي على الأرض حتى و إن كانت الأمم المتحدة لا تعترف بهذه السيادة.

هذا “التهديد” بوقف المغرب تعاونه مع الأمم المتحدة ليس جديدا و ليس وليد اليوم ، إذ سبق  للوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، العام الماضي بأن صرّح بأن “المغرب سيكون مجبرا على اتخاذ كافة التدابير بشأن مستقبل المسلسل السياسي التفاوضي في حال المضي قدما في اتجاه اعتماد قرار لمجلس الأمن يغير طبيعة مهمة بعثة المينورسو”.  كان ذلك إثر تقدم سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية “رايس ” بمسودة قرار لمجلس الأمن من أجل توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء.

بالمقابل يرى المراقبون أن القوى الغربية و الأمم المتحدة ليست مستعدة اليوم لتصعيد الأمر مع المغرب لعدة اعتبارات جيوسياسية أهمها نجاح المملكة في مواجهة التحديات الأمنية التي تطرحها التهديدات الإرهابية بمنطقة الساحل و الصحراء، و قيادتها بنجاح لعمليات حفظ السلام بعدد من الدول الإفريقية مثل مالي و كوت ديفوار، كما أن المجتمع الدولي ليس على استعداد لإزعاج المغرب و خلق توتر جديد بالمنطقة ، التي تعرف أصلا اضطرابات بعدد من الدول بسبب تداعيات ما بات يعرف بالربيع العربي.

أما من الناحية الحقوقية فقد أجمع المراقبون الدوليون على أن المغرب ما فتئ يسجل تقدما ملموسا في مجال احترام حقوق الإنسان و تكريسها حيث يتضح ذلك جليا من خلال الزيارات الميدانية التي قام بها ممثلوا بعض الهيئات التابعة للأمم المتحدة  كالمبعوث الخاص المكلف بملف الصحراء وكذا المقرر الخاص بالتعذيب و المكلف بحفظ عمليات السلام، و قد قام هؤلاء  بإجراء عدد من اللقاءات مع مختلف مكونات المجتمع في المنطقة، بالإضافة إلى منظمات دولية غير حكومية. و هو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة و الذي أشاد في تقريره  بتعاون المغرب “مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان”  و أشار إلى ارتياحه الى الاجراءات الأخيرة التي اتخذتها الرباط من أجل تحسين فعالية المجلس الوطني لحقوق الانسان و سعيه الحثيث لوضع حد للملاحقات ضد المدنيين امام المحاكم العسكرية “.