تاوريرت بريس :

افريقيا الشرقية

 

تعد الجولة الملكية التي بدأها صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمس الثلاثاء لعدد من بلدان إفريقيا الشرقية، لحظة قوية في العمل الدبلوماسي للمملكة الرامي لتعزيز التجذر الإفريقي للمغرب عبر زيارة الأشقاء في هذا الجزء من القارة، ليتم بذلك طي المسافات الجغرافية ومد روابط الوحدة والأخوة الإفريقية.
وعلى غرار علاقاتها العريقة المميزة مع بلدان إفريقيا الغربية، تسعى المملكة المغربية لنسج وتعهد الروابط الخاصة أيضا مع الأشقاء في إفريقيا الشرقية، رغم العراقيل المرتبطة بالجغرافيا واللغة، وذلك في سياق نموذج التعاون جنوب-جنوب الذي انطلق بدفعة من جلالة الملك وتحت الريادة المتبصرة لجلالته.
ويعد تعيين جلالة الملك مؤخرا لسفراء جدد بعدد من بلدان المنطقة، متمثلة في تنزانيا وأوغندا وإثيوبيا وجيبوتي ورواندا وكينيا والموزمبيق دليلا آخر على الرغبة القوية للمغرب في المزيد من ترسيخ روابطه وعلاقاته الدبلوماسية مع إفريقيا الشرقية.
كما أن الزيارة الملكية التاريخية لهذه المنطقة الهامة في القارة الإفريقية، والتي تشمل رواندا وتنزانيا وإثيوبيا، تأتي أشهرا فقط بعد الرسالة التي وجهها جلالة الملك للقمة ال27 للاتحاد الإفريقي المنعقدة في يوليوز الماضي بكيغالي.
وحظيت مضامين هذه الرسالة بإشادة عالية عبر القارة، والتي تزيد التأكيد مرة أخرى على التزام المغرب من أجل وحدة وازدهار إفريقيا المدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتحكم في مصيرها.
وفي هذا السياق، أكد رئيس مدغشقر السيد هيري راجاوناريمامبيانينا وقتئذ على أن “الرسالة الملكية رسالة لتعزيز الوحدة داخل المنظمة” الإفريقية.
وأضاف في رد فعل على مضمون الرسالة الملكية الموجهة لقمة كيغالي “الجميع مدعو لتعزيز هذه الوحدة والمساهمة في رسم معالم مستقبل إفريقيا”.
ولم تفتأ المملكة وعاهلها من منطلق الوعي بضرورة الوحدة الإفريقية، يضعان القارة في صلب السياسة الخارجية والتحرك الدولي للمغرب كما تدل على ذلك الزيارات والجولات المتعددة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في مختلف أنحاء إفريقيا وكذا مساهمة الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين المغاربة.
فالمغرب الذي يعد أول مستثمر إفريقي في غرب إفريقيا والثاني في القارة، يطمح إلى أن يصبح الأول قريبا وذلك بفضل دينامية تعاونه جنوب-جنوب وأهمية انخراط الفاعلين المغاربة وحضورهم القوي في مجالات الأبناك والتأمينات والنقل الجوي والاتصالات والسكن وغيرها.
وفي هذا السياق، فإن الجولة الملكية في شرق إفريقيا ستفتح آفاقا جديدة في مجال التعاون الاقتصادي والاستثمار بين المغرب وبلدان المنطقة حيث تجمع الطرفين بالرغم من البعد الجغرافي، وحدة المصير ورغبة معلنة في النهوض بصورة القارة ورفاهية ساكنتها واستدامة مواردها وثرواتها.