بقلم : الخضير قدوري

شفيق السحيمي

 

ليس الأسلوب بالجديد الذي تعامل به الأدمغة المهاجرة ،ولا الممارسات باللائقة التي تحتضن الفعاليات الإبداعية ،نحن كشعب وكدولة نحبذ استهلاك الواردات المعلبة ،ونستبدل الذي هو أدنى عند غيرنا بالذي هو خير عندنا ، والدي هو رديء وخبيث لديهم بالذي هو طيب وجيد لدينا ، حتى ادا نمى عندهم جيدنا وطاب لديهم طيبنا قلنا حمدا لله هده بضاعتنا ردت ألينا، كأن أرضنا جافة وتربتنا خبيثة لا تنتج برا ولا معروفا ،حتى وان نزلت بها قطرات غيث نقية لا تثمر رحمة ولا شفقة ،وإنما الحقد والشر والانتقام
لم يكن المبدع والمخرج القدير السيد شفيق السحيمي الذي قوس الاغتراب عموده ودوى الهجران عوده، وقد أبى الدهر إلا ان يصنع منه رجلا يرى ضله على الأرض تحت أشعة الشمس ككائن بشري موجود يتحدى الزمان الذي انقض ظهره بحمولة زائدة من واجبات أبى إلا أن يفرغها في وطن أحوج ما يكون اليها من ضمان في صحراء قاحلة، واليوم كالأمس وكما يجب ان يحل على وطن ضيفا غير مرحب به ،كذلك يحق له ان يرحل غير مودع ولا أسف ولا نادم عليه
لم يكن شفيق الأول من يشفق ولا الأخير من يغار، من أفراد جاليتنا الدين جاءوا بأفكار ومشاريع وبأموال وثروات، حاولوا استثمارها وفق القوانين المسطحة ليصطدموا بالصخور المعمقة ، فيصبح مقامهم كمقام الغريب في كل وطن ،ومشاريعهم كبنيان القصور على الثلوج، قد لا تدوم بعد شروق الشمس لحظة فتتهدم ثم يعزم الغريب على الخروج ،كذلك أصبح حال شفيق وحال غيره ممن يحملون في صدورهم هموم هدا الوطن ، بعد أن أصبح ماؤهم غورا وليس ثم من يأتيهم بماء معين
اذهب ولا تندم ايها المبدع ستتعافى يوما من وجع التراب، اذهب وارحل فارض الله تحت قدميك فراشا والسماء فوق راسك غطاءا ، واستعن بالله على اسفك و بقول القائل /
ادا البلاد تغيرت عن حالها فدع المقام وبادر التـــــحويلا
ليس المقام عليك فرضا واجبا في بلدة تدع العزيز دليلا
وبقول الأخر
المرء ليس بغانم في أرضه …. كالصقر ليس بصائد في وكره

ارحل يا سيدي وستعود يوما معززا فيرفعون لك تماثيل في كل ساحة عمومية، مكرما فيكتبون اسمك على بداية ونهاية أطول وأوسع شارع في كل مدينة ،وستعود محمولا على الأعناق ،فيعم ذكرك ارض النفاق ،ويملا صوتك كل الأعماق ،لكن ليس دلك قبل ان يغيب الموت خبرك ويخفي القبر جسدك ويطوي النسيان عملك
او ستعود ادا أمهلك الموت كما يعود غيرك بحلة جديدة عندما تتخلى عن عمامتك وعباءتك، وتتخلص من هويتك و لغتك اداك ستحيى حياة أفضل وتنزل أهلا وتحل سهلا فيقام لك مقاما عاليا، ويرفع لك على الألسن ذكر جميل وستجلس في أي مجلس يليق بك لتمد برجليك وتمشي على الزرابي والطنافس بنعليك ،ثم تضرب في الأرض كل مضرب وحيثما شئت فليس هناك من يقف في وجهك او من يرفع صوته فوق صوتك ، ستعود يوما لا محالة ، فبأي حال تعود