بقلم :  الخضير قدوري

الخضير قدوري

 

على مشارف شهر رمضان الكريم،وموسم عبور أفراد جاليتنا ،ومهرجان سنوي في نسخته 15 أو 16، كلها مناسبات تتزامن مع فصل صيف ساخن على الأبواب ، مناسبات ينبغي أن تحضى بالأولوية ،وهي جديرة باهتمام مدبري الشأن المحلي ، وضرورة مراعاتهم للآثار السلبية التي قد تنعكس على وضع المدينة وحياة الساكنة ،الأمر الذي يستدعي اتخاذ الإجراءات الاستباقية لتفادي كل الاحتمالات الواردة
عادة عندما نتحدث عن شهر رمضان كنا نتحدث عن بعض المواد الاستهلاكية الضرورية ،التي ينبغي توفيرها في السوق كالحليب والقهوة والحلوى والطماطم ،وبما ان مدينتنا ليس لها طابع سياحي الامر الذي جعل مدبرو الشأن المحلي يغفلون او يتغافلون عن أشياء مهمة وضرورية ،أكثر من الحليب والطماطم والتمر والحلويات
وحينما نتحدث على موسم العبور وتدفق أفراد جاليتنا بالآلاف على مدينتهم أيضا كنا نتحدث عن ظروف الاستقبال وضرورة توفيرالامكانات الإدارية من اجل الإسراع بتجديد الجوازات والبطاقات الوطنية وغيره ،ولكن هناك أشياء مهمة وضرورية أكثر من ذلك قد تم إغفالها او التغاضي عنها
وحينما نتحدث عن المهرجانات كذلك كنا نتحدث عن المنصة والخشبة ،وعن المغنين والبارود ثم مناقشة الغلاف المالي الضخم ،والدعم المادي المخصص لكل هذه المواد . دون ان نفكر في أشياء مهمة هي أكثر من كل ذلك
كل هذه المناسبات المذكورة على سبيل المثال لا الحصر تحتوي في طياتها على أهداف وغايات ومقاصد اقتصادية وثقافية واجتماعية وسياحية، وهي عبارة عن أسواق تعرض فيها منتوجات هذا البلد على زائريه في علب فضية وكأطباق شهية تقدمها لضيوفه في صحون ذهبية
لكن الغريب في الأمر ان هذه المناسبات لم تكن وليدة اليوم او الغد ولم تحضا بالاهتمام الكافي ،واذا كنا سنتناولها بالذكر على سبيل المثال لا الحصر ،فلا ينبغي ان ننسى او نتغاضى عن الأخطاء والصواب والنقائص والكمال دون ان نستفيد او نعيد النظر فيما قد اغفل منها ، ولكن حينما تتكرر هذه السلبيات سنة بعد سنة ولا يتم مراجعة بعض الأخطاء وتجنب الهفوات يعني ذلك نوعا من التكلف ولامبالاة المهتمين فلا سبيل إذن للتطلع الى ما هو أفضل
واذا شئت ان أتحدث عن بعض هذه النقائص بالنسبة لشهر رمضان في مدينة تفتقر الى كثير من المرافق العمومية الضرورية ، تذكرني بسيدة أجنبية عن المدينة حينما كانت تستوقفني ضحى ووجهها يتصبب عرقا من الخجل لتسألني عن دوارة المياه ” مرحاض” هو اقرب ما يمكن منها، مع علمي انه ليس في المدينة دوارة للمياه ولا مرحاضا قريبا او بعيدا بقيت متسمرا في مكاني حائرا من ألأمر عاجزا عن توجيهها الى اية وجهة ، لولا امرأتين رافقتاها الى زاوية ووقفتا حائلا دونها وأنظار المارة حتى تتخلص من أفراغاتها
كما اذكر حالة المدينة وجوار الأروقة وأماكن أنشطة المهرجان ،وما يتراكم حولها من أزبال وغائط وابوال تعم بروائحها ألأجواء وتفرش ألأرض ، الشيء الذي يتطلب للتخلص منها عطور المعطرات ، ومبيد جراثيم المستنقعات في العالم . وللأسف الشديد فان تكرار هذه المأساة كل سنة ومع كلتا المناسبتين لم يكن يسترعي انتباه احد مدبري الشأن المحلي او يلفت انتباه المنظمين لمثل هذه التظاهرات ، رغم إننا قد سودنا بذكرها عشرات المسودات دون فائدة
واما فيما يتعلق بموسم العبور لإفراد جاليتنا سأقف فقط عند طوابير السيارات المتوقفة على قوارع الأزقة الضيقة لانعدام المواقف ، فتبدو كأنها مقيدة بسلسلة في محتجز عمومي ،حيث يفرض الأمر عدم تحريك السيارات المحلية او إخراجها من مرائبها ، ما يوحي للملاحظ مظهر مدينة تاوريرت كأنها إحدى مدن اسبانية يكاد يتعذر على المتجول فيها التنقل راجلا على أرصفة مزدحمة وممرات منعدمة والأغرب ما في الأمر ان هذه المدينة ربما قد تكون الوحيدة في المغرب وفي العالم لا تتوفر على تشوير ضوئي ،باستثناء شارة واحدة توجد في مكان قلما تحترم من طرف المارة ، وبتزامن موسم العبور مع المناسبتين السالفتي الذكر لاشك ان الحدة ستبلغ ذروتها خلال هذه السنة
اما اذا كانت الظروف القاهرة ستحكم على أي زائر او عابر ليقضي ليله في هذه المدينة لم يكن له من سبيل غير اللجوء لإحدى محطات الوقود ، لانعدام فندق لائق يتوفر على مواصفات الفنادق المريحة في المدن الأخرى ، الأمر الذي يوحي ان هذه المدينة التي تتربع على مساحة تتجاوز 15 كلم مربعا وتحتوي على أكثر من 120 ألف نسمة تبقى مدينة منغلقة على نفسها ، لا مكان فيها للضيف الأجنبي ولا للزائر الغريب ،وقلما يجد فيها الوافد متنفسا للراحة والاستجمام
واذا كان المجلس الجماعي يتحمل جل هذه المسئولية ،وبعمله الأخير على تنظيم لقاء تواصلي مع فعاليات المجتمع المدني وانفتاحه على الجمعيات المحلية من اجل إشراكها في تدبير شان المدينة ،بذلك يكون هذا المجلس الى حد ما قد ألقى بجزء من المسئولية على كاهل هذه الأطراف ، التي تفرعت عنها أربع ورشات عمل أنتجت عشرات التوصيات ،قلما كان من بينها ما يتضمن جوهر مكونات التمدن ومؤسسات التحضر التي تحتاجها هذه المدينة ويصنفها ضمن الأولويات فالثانويات والأسبقيات فالاستثناءات وفق الإمكانات الممكنة
في ضوء ما ذكر حبذا لو كان هذا المجلس يتناول بالأولوية دعم البنية التحتية بالمرافق الضرورية منها توفير مواقف السيارات ودوارات المياه العمومية باعتبارها من المرافق التي توفر مناصب شغل جديدة ثم الحث على فتح الفندق الجديد في اقرب اجل وكذلك قاعة الأفراح التي ستخفف من مضايقة السكان وإغلاق الأزقة والشوارع بالخيام . وحبذا لو كان المجلس البلدي سيخصص هذه السنة قدرا من ميزانية المهرجان لتمويل عمل اجتماعي وثقافي يتمثل في دعم بعض العرسان المقلين وإقامة عرس جماعي يستعرض طقوس القبائل المنتمية لهذا الاقليم والعمل على تفجير طاقاته المحلية المختزنة في قمم جباله والدفينة في أعماق وديانه