بقلم : الخضير قدوري 

الخضير قدوري

 

نادى مناد من شرقنا ” ضمنا يا ملك المغرب ” من على صفحة جريدة الخبر الجزائرية الواسعة الانتشار بين فئات الشعب الجزائري الشقيق، الذي تجمعنا وإياه روابط وثيقة عبر التاريخ المشترك منذ مئات السنين، وعندما كنا شعبا واحدا وجزءا لا يتجزأ رغم انف المستعمرين، وعندما كان بلدنا قطرا واحدا لا تفصله عن بعضه أسلاك شائكة ولا حدود مانعة ولا خنادق عميقة ، هذه الروابط التي كانت تشكل قوة لا تندحر وكتلة لا تتفتت وعروة لا تنفصم
لم يكن الشعبان يومئذ إلا جزءا من بعضهما غير قابل للتجزيء وكتلة غير قابلة للتفتيت ، وكانا عبر التاريخ جسما واحدا إذا تألم عضو فيه تداعت سائر أعضائه بالسهر والحمى، ما عنت في الأفق بوادر تحرير الشعب الجزائري الشقيق، واستقلال وطنه إلا بعد أن امن جانبه وتعزز بركنه الغربي عضده، ولا أدل على ذلك من تصريح المرحوم جلالة الملك محمد الخامس الذي أعلن بواسطة إحدى خطبه أمام الملا بان استقلال المغرب سيظل غير تام ولا مكتمل مادامت فرنسا تحتل الجزائر وتجثم على ارض أشقائنا في شرقنا، وأكثر من ذلك فان دعم المغرب والشعب المغربي لأشقائه لم يكن محصورا عند حدود معينة، وإنما قد يتجاوزها أحيانا إلى اقتسام السكن والجرعة والرغيف ،لكن ما إن من الله على هذا الشعب بنعمة الحرية والاستقلال جاء المستقلون الجدد من تيارات عسكرية متشبعة بفكر المعسكر الشرقي التي تؤمن بالدبابة والبندقية وسيلة إلى الاستيلاء على الحكم والالتصاق بالكرسي، ثم إحكام الطوق على الشعب الجزائري ومنعه من الانفتاح حتى على جيرانه ، فشددوا الوثاق وقطعوا الروابط والصلات وفرقوا بين الأسر والعائلات
قد يعجز لسان شهود العصر على وصف الروابط الأسرية والأواصر الاجتماعية والمواثيق التاريخية والدينية التي تجمع الشعبان أكثر مما تفرق بينهم السياسة الحمقاء والتبعية العمياء ، فان كان ما نسمعه ونرا ه اليوم ناجما عن صحوة العقل و صوت الضمير و هبة من اجل التغيير هيجت عواطف العقلاء وحركت مشاعر الحكماء فاحتكموا إلى العقل والحكمة والتبصر، ثم صرخوا عاليا في وجه الانغلاق والاستغلال والعبودية ، وسوف لن تكون صرخة تذهب سدى وأدراج الرياح مادامت هناك أذان مصغية وحناجر تردد صداها ،مبادرة موفقة إلى حد ما ولم تكن متأخرة ، مادامت إرادة الشعوب لا تقهر وهي قادرة على إدراك الوقت الضائع مهما كلف الثمن، دون شك في أن المغرب وملك المغرب وشعب المغرب سيترددون في الاستجابة بلا عصبية ولا حمية جاهلية وعلى إثرها ، فضمنا يا جزائر ، وتعال أيها الشعب الشقيق لنتعانق بالأحضان بعيدا عن سياسة فرق تسود وإعطاء الفرص لسفاكي الدماء والمتاجرين بمعاناة الشعوب،
في غرب وطننا الكبير رجال وفي شرقه رجال لو التقى الرجال واجمعوا على كلمة سواء لمال نحوهم العالم ،وفي غرب وطننا الكبير سياسيين كما في شرقه فأية سياسة رشيدة سنكون لها منتصرين ،بعيدا عن التعصب الجاهلي الذي لا يخدم مصلحة الشعوب في وقتنا الحالي والمستقبلي ،نحن هنا لا نعطي الدروس في الوعظ والإرشاد لكن ما نريد بالقول إلا لنعبر عن أرائنا في ظل ما يخول لنا من حرية في التعبير ، لنرى إن كانت هذه الآراء سترقى بنا إلى مستوى الحكمة والنقاش الهادئ المؤدي إلى التغيير الناجح بعيدا عن سياسة العنف والبارود
فضمنا يا جزائر، وعانقنا أيها الشعب الشقيق ،وتعالوا لنصنع التاريخ فنحطم أسوار العبودية وننهض للحرية فندوس على المعتقدات السياسية البالية، ثم نرسم خريطة طريق حكيمة لأجيالنا الحاضرة والقادمة ، فان كانت سياسة ملكنا رشيدة كما ترونها ويراها غيركم وعسى أن يكون فيكم رجال أكثر رشدا لو منحت لهم الفرصة واستطاعوا بفضلكم مصادرة الآليات المتحكمة في دواليب الحكم من أيد العابثين بمصير شعب الأجدر به أن يكون في مقدمة أمثاله ومتى تسنى لهذا الأخير أن يتحرر من الأفكار الظلامية التي تفرض عليه حصارا وتمنعه من الانفتاح على الأخر خوفا من عدوى الثورات المجاورة وتجنبا لإعصار الربيع العربي الأتي لا محالة وسيكون دون شك قادرا على تحقيق قفزات نوعية وإنتاج سياسة منسجمة قد تدفع بركب المغرب العربي الكبير بقوة وفي الاتجاه الصحيح نحو المستقبل الزاهر، فتعالوا إذن نضع اليد في اليد لنبني مغربنا الكبير، الذي يسعنا من ضيق ويغنينا من فقر ويطعمنا من جوع ويؤمننا من خوف ، فان كنا قد ضيعنا من الوقت دون تحقيق ذلك الكثير فلا ينبغي أن نضيع من الوقت أكثر
ولا شك أن الشعب الجزائري بحكم انفتاحه على العالم الأزرق أصبح يعي ويكتشف الحقائق ويرى بأم عينيه المكانة التي يحظى بها بين شعوب دول العالم عامة وشعوب الدول المنتجة للبترول خاصة وهي مكانة لا تخرج عن إطار الشعوب المجاورة التي ترضى بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إذا كانت أحوالها لا تختلف عن أحوال شعب كشعب الجزائر الذي يتوفر على غاز وبترول وارض شاسعة مقارنة تجعل الشعب المغربي بدوره راضيا بوضعه ومقتنعا بمبرراته رغم ذلك فانه يجد نفسه أحسن حالا بفضل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة وهو يطمح إلى تحسن أفضل ما لم يصبح المغرب بلدا منتجا للغاز والبترول