من إعداد : المختار العيادي باحث في العلوم الجنائية

ورقة مقدمة في إطار فعاليات الندوة الدولية الموضوعاتية عن بعد المنعقدة بتاريخ : 26/06/2020 في موضوع :
(حول برنامج تقليص مخاطر الإصابات في أوساط متعاطي المخدرات بمنطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط في زمن كورونا) المنظمة من طرف جمعية محاربة السيدا والجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات وجمعية حسنونة لمساندة متعاطي المخدرات بمناسبة الحملة الترافعية الدولية:
” لندعم و لا نعاقب DONT PUNISH “

مـــــقـــــدمـــــــــــــة:

 

تفشت ظاهرة المخدرات وتعاطيها من خلال الدراسات التي أجريت فـي مختلف دول العالم،وجميعها أكدت ما تخلفه المواد المخدرة من آثار ضارة مدمرة سواء اجـــتماعياً أو اقتصادياً أو صحياً.
وما زالت المخدرات تمثل أهم التحديات التي تواجه المجتمع العربي بل والمجــتمع الدولي بكامله،بعد أن أصبح الإدمان يسبب مشكلات أمنية وصحية واجـتماعــية تجــــتاح معــظــــم دول الــعـــالم بحيث بلغ الإنتاج العالمي من المخدرات معدلات قياسية كما أخذت العصابات الدولية تزداد قوة وتمويلاً وتنظيماً،وامتدت أنشطتها عبر الدول والــقارات حتى أصبحت جرائم المخدرات جرائم بلا وطن.
وعلى الصعيد المحلي،لم يعد الاتجار غير المشروع بالمخدرات شكلاً من أشـــكـال الإجرام البسيط،الذي يمارسه بعض الأفراد داخل الدولة، بل أصبحنا نواجه اليوم عصابات محلية ودولية منظمة، تسعى بكل قواها لتهريب مختلف أنــواع المخــدرات والمــؤثـــرات العقلية إلى بلادنا،مستغلين موقع المملكة الإستراتيجي.
ولا شك أن أساليب مـــكـــافــــحـــة المــخـــدرات يستهدف تطويرها ودعم أجهزة المكافحة،ويجب أن يـــؤخذ بـــعــين الاعـتبار ضرورة الاهتمام بالشخص المدمن ومكافحة ظاهرة الادمان أولاً،والعمل على رعايته اللاحقة ثانياً،لتكون جنبا الى جنب مع مكــافــحــة التهريب والاتجار في المواد المخدرة.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى قرار المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية بتاريخ:15/01/2016 بشأن البعد الصحي العمومي لمشكلة المخدرات العالمية وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مشكلة المخدرات العالمية بنيويورك في الفترة من 19 إلى 21 أبريل 2016 والتي تمخضت عنها توجيهات أساسية بشأن الإعلان السياسي وخطة العمل المتعلقين بالتعاون الدولي لوضع استراتيجية متكاملة ومتوازنة لمواجهة مشكلة المخدرات العالمية والتحديات التي تطرحها والتي أكدت على سياسة الوقاية من متعاطي المخدرات والحد من أوجه الضعف والمخاطر حيث تبين أن تعاطي المخدرات واضطرابات تعاطي المخدرات والحالات الصحية المرتبطة شواغل رئيسية للصحة العمومية فاستخدام العقاقير النفسانية التأثير مسؤول عن أكثر من 400.000 وفاة سنويا.كما تمثل اضطرابات تعاطي المخدرات %55 من إجمالي عبء المرض في العالم،في حين يشكل تعاطي المخدرات عن طريق الحقن ما يقدر ب %30 من حالات العدوى الجديدة بفيروس نقص المناعة البشري الإيدز خارج أفريقيا جنوب الصحراء ويساهم مساهمة كبيرة في حدوث أوبئة التهاب الكبد B و C في جميع الأقاليم التابعة للمنظمة.
وعلى غرار دول العالم،يخلد المغرب يوم 26 يونيو 2020،اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها.
ويمثل هذا الحدث فرصة للقيام بأعمال تحسيسية لصالح جميع الفاعلين المعنيين لتعبئة وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم،واﻟﻮزارات واﻟﻤﻨﻈﻤﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺟﻬﻮد وزارة اﻟﺼﺤﺔ والفاعلين ﻓﻲ هذا اﻟﻤﻴﺪان.
وللإشارة فإن وزارة الصحة،وتجاوبا مع توصيات منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة في هذا المجال (UNGASS 2016)،التزمت بإرساء استراتيجية شاملة ومتكاملة،تمكن من توفير الرعاية والخدمات الصحية من أجل الوقاية الشاملة للفئات الضعيفة،خصوصا الأطفال والمراهقون والشباب،والعلاج الطبي والعلاج النفسي،والحد من المخاطر المرتبطة بتعاطي المخدرات بالحقن وإعادة الإدماج الاجتماعي والنفسي.
ويولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أهمية كبرى لبرنامج محاربة الإدمان عبر مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
ويوجد في المغرب حاليا 15 مركزًا متخصصا في طب الإدمان(12 مركزًا للفحص والعلاج اليومي و 03 مراكز استشفائية جامعية) مخصصا للتكفل بالاضطرابات الإدمانية بكل من الرباط والدار البيضاء وطنجة وتطوان ومراكش و وجدة وأكادير وفاس ومكناس،وذلك في إطار برنامج مستمر لتوسيع العرض الصحي على المستوى الوطني،ومن المقرر إنشاء مراكز أخرى ابتداء من هذه السنة على شكل مراكز متنقلة.
ومن أجل ترشيد الموارد،وضعت وزارة الصحة إطاراً لتطوير الشراكات والتعاون المشترك بين القطاعات،عبر اتفاقيات و شراكات بين وزارة الصحة ومختلف الشركاء (مؤسسة محمد الخامس للتضامن،المجتمع المدني،الوزارات،المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، المجلس الوطني لحقوق الإنسان…)،وسيتم وضع وتنفيذ مخططات عمل مشتركة تستهدف على وجه الخصوص السجناء والمهاجرين والنساء والأطفال والمراهقين.
بالإضافة إلى ذلك،أنشأ المغرب هيئة متخصصة في رصد تطور التعاطي للمخدرات والمشاكل الصحية الناتجة عنها،وكذلك في إنتاج المعلومات المفيدة لاتخاذ القرار في مجال المخدرات والإدمان.ويعتبر المرصد المغربي للمخدرات والإدمان (OMDA) آلية مناسبة لتطوير المعرفة بالوضع فيما يتعلق باستخدام المواد المخدرة والادمان وعوامله الأساسية.
والجدير بالذكر أنه في المغرب يبلغ معدل انتشار تعاطي المخدرات بين عامة السكان الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر 4.1%، أي ما يعادل 800.000 شخص منهم 2.8% مدمنون على المواد المخدرة. وتتعاطى الساكنة الأصغر سنا للمخدرات والإدمان بشكل متزايد،في المدن الشمالية يرتبط تعاطي المخدرات بالحقن (نسبة انتشار تعاطي الهيروين والكوكايين هي 0.02% و 0.05% على التوالي) بمخاطر انتشار فيروس نقص المناعة البشرية VIH،والتهاب الكبد الفيروسي (C و B) والسل،إلى جانب العواقب الاجتماعية (التهميش والتمييز والعزلة..) والقانونية (الانحراف،والعنف،والإجرام، …).
وإذا كان الوضع كذلك فكيف تتعامل النيابات العامة بمحاكم المملكة لمكافحة ظاهرة الإدمان على المخدرات و ما هي أوجه الحماية المتخذة و ما هي مظاهر وتجليات دور النيابة العامة في مجال حماية مستعملي المخدرات باعتبارهم فئات هشة تستوجب العلاج بدل العقاب ؟هذا ما سنتاوله في مطلبين اثنين.

المطلب الأول :
المقاربة الزجرية للنيابة العامة عن طريق مكافحة الإتجار في المخدرات كآلية وقائية للحد من تعاطي المخدرات

 

اتخذت المملكة المغربية سياسة واضحة وصارمة من أجل مكافحة كل العمليات المرتبطة بالمخدرات من حيث انتاجها وترويجها ونقلها وتهريبها واستيرادها وتسهيل استعمالها على الغير وفق سياسة جنائية منسجمة مع الاتفاقيات التي صادقت عليها أهمها الاتفاقية الفريدة للمخدرات لسنة 1961 و اتفاقية فيينا لسنة 1971 للعقاقير المنشطة للذهن واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 واتفاقية باليرمو لسنة 2000 المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
وفي هذا السياق صدر ظهير 21/05/1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة و وقاية المدمنين على هذه المخدرات والذي أدخل عدة تعديلات على ظهير 24/04/1954 المتعلق بزراعة القنب الهدني والتداول فيه واستعماله والاتجار فيه حيث جعل العقوبة الحبسية تصل فيه إلى عشر سنوات حبسا وغرامة 50.000 درهم كما صدر ظهير 09/10/1977 المتعلق بمدونة الجمارك المعدل بظهير 05/06/2000 والذي حدد مجموعة من المساطر المتعلقة بالمصادرة وحدد مجموعة من الجرائم المرتبطة بالمخدرات منها جنح جمركية من الدرجة الأولى وخصصت لها عقوبات تتراوح بين شهر وسنة وغرامات مما يوضح أن المشرع المغربي اتخذ سياسة واضحة المعالم للقضاء على هذه الآفة والحد منها.
وفي هذا السياق سياق لا بد من التأكيد على أن السياسة الجنائية يضعها المشرع ويتولى تنفيذها السيد رئيس النيابة العامة الذي يتولى تبليغها إلى كافة قضاة النيابة العامة بمحاكم المملكة عبر دوريات ومناشير والتي أعطى فيها السيد رئيس النيابة العامة تعليماته الصارمة والواضحة بمكافحة جرائم حيازة وترويج المخدرات وتهريبها وتسهيل استعمالها على الغير وبضرورة تتبع الأبحاث بشأنها وإيقاف المتورطين فيها ومصادرة الأشياء المرتبطة بها من مخدرات و وسائل النقل وغيرها ومن أهم هذه المناشير و الدوريات:
– دورية السيد وزير العدل عدد:23 س3 بتاريخ:11/06/2013 المتعلقة بمكافحة ترويج المخدرات الصلبة و الإدمان عليها و التي أعطى فيها تعليماته إلى ضرورة إيلاء عناية خاصة لهذا النوع من القضايا وتتبعها وعدم التردد في المطالبة أثناء المحاكمة بتطبيق عقوبات رادعة واستعمال طرق الطعن التي يخولها القانون كلما ظهر أن العقوبة المحكوم بها لا تتناسب مع خطورة الجريمة و أثرها الاجتماعي.
– منشور السيد وزير العدل و الحريات رقم:24 س 3 بتاريخ:29/07/2013 حول زراعة القنب الهندي داخل الملك الغابوي .
– منشور السيد وزير العدل و الحريات رقم:58 س 3 بتاريخ:30/06/2014 حول حجز وسائل النقل في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية والتي حث فيها قضاة النيابة العامة على تتبع الأبحاث الجارية بشأن قضايا المخدرات وبضرورة مصادرة وحجز وسال النقل المستعملة فيها مع حفظ حقوق الغير حسن النية .
– منشور السيد رئيس النيابة العامة رقم 01 بتاريخ:07/04/2017 و الذي وضع معالم و أوليات السياسة الجنائية وحث فيها قضاة النيابة العامة على احترام تام للقوانين مع مراعاة أولويات السياسة الجنائية القائمة وذلك بإيلاء مزيد من الاهتمام و إعطاء الأولوية للقضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام واتخاذ مواقف وقرارات صارمة وحازمة للتصدي للجرائم التي تمس بالأمن العام والتي تثير الرعب و الفزع بين الناس التي لها تأثير على حياة الأشخاص وسلامتهم كالعنف والاعتداءات المسلحة والسرقات بالنشل أو بالعنف و بعض مظاهر التسيب في الأماكن العامة التي تتمثل في التجول بأسلحة بيضاء أو تجول أشخاص بالشوارع بصدور عارية مثلا و هم في حالة تخدير أو سكر ويعترضون المارة ويضايقونهم إلى جرائم ترويج المخدرات والحبوب المهلوسة بين السكان و لا سيما بين الناشئة أو في المدارس.

المطلب الثاني
المقاربة الحمائية للنيابة العامة الضامنة لحقوق مستعملي المخدرات

إن السياسة الجنائية المعتمدة تهدف إلى زجر الجرائم الخطيرة والماسة بسلامة المواطنين والأمن العام والنظام العام ولذلك فإن السياسة الجنائية المعتمدة من طرف السيد رئيس النيابة العامة تستهدف ترسيخ تعاملا خاصا مع مستعملي المخدرات والفئات الأكثر عرضة وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى مظاهر دور النيابة العامة في مجال حماية مستعملي المخدرات :

1) تعزيز تمتع الأشخاص المدمنين للمخدرات من التمتع بحقوقهم الأساسية المقررة بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية:

و في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى مبادرات السيد رئيس النيابة العامة و مختلف الدوريات و المناشير المرتبطة بالموضوع على مستويين:
أ‌) على مستوى التكوين:
في إطار تكوين قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الإنسان نظم السيد رئيس النيابة العامة العديد من الندوات والدورات التكوينية والورشات بشراكة مع منظمات دولية لتعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الإنسان منها مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات ومنظمة العفو الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وصندوق الأمم المتحدة للتنمية وكذا مع منظمات دولية غير حكومية وكذا مع منظمات مهتمة بمجال الرصد ومراقبة حقوق الإنسان سواء الوطنية أو الدولية.
ب‌) على مستوى تنفيذ السياسة الجنائية :
كما قلنا أن السياسة الجنائية يتولى المشرع وضعها و يتولى السيد رئيس النيابة العامة تنفيذها و في هذا السياق يبلغها لكافة قضاة النيابة العامة عبر مجموعة من الدوريات والمناشير ذات الصلة بالمخدرات أهمها منشور السيد رئيس النيابة العامة رقم 01 و الذي أكد فيه على أن الدستور المغربي أكد تشبت المملكة المغربية بمنظومة حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني و أن المشرع المغربي أولى عناية خاصة بهذه الحقوق ورتب على خرقها جزاءات جنائية ومسطرية جسيمة من بينها الحقوق التي حث عليها السيد رئيس النيابة العامة في هذا المنشور بضرورة إيلاءها الاهتمام البالغ ومن أهم ما جاء في هذا المنشور والتي تهم كذلك مستعملي المخدرات :
– الحرص على ترشيد استعمال الآليات القانونية الماسة أو المقيدة للحريات و ذلك باستعمالها فقط في الحالات التي تدعو إليها الضرورة و أن يتم استعمالها وفقا للقانون و دون تجاوز أو تعسف.
– التصدي للانتهاكات الماسة بالحقوق والحريات بكل حزم وصرامة والأمر بإجراء التحريات والأبحاث بشأنها دون تأخير وعدم التردد في استعمال السلطات التي يخولها القانون بشأنها ولا سيما حين يتعلق الأمر بادعاءات تتعلق بالتعذيب أو الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري.
– زيارة أماكن الاعتقال باستمرار لزيارة مخافر الحراسة النظرية والسجون ومؤسسات الأمراض العقلية ومراكز الحداث للتأكد من شرعية الاعتقال ومن تنفيذه وفقا للضوابط و الشروط التي يحددها القانون.
– ضمان حقوق الدفاع و التمكين القانوني للمشتكين.
– ترشيد الاعتقال الاحتياطي بعدم اللجوء إلى تدبير الاعتقال إلا في الحالات التي تتوافر فيها الشروط القانونية لإيقاعه ومن خلال ما تفرضه ظروف القضية وملابساتها وتجهيز ملفات المعتقلين الاحتياطيين بسرعة لتمكين القضاة من البت فيها والحرص على تفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي مع التأكيد على الدور الإيجابي للنيابة العامة في تفعيل العدالة التصالحية التي جعلها المشرع من أولويات السياسة الجنائية كبديل لتحريك الدعوى العمومية في بعض القضايا لتخفيف العبء عن المحاكم و بغية الحفاظ على الروابط العائلية.

2) تدبير الحراسة النظرية يروم حماية مستعمل المخدرات من إيذاء نفسه أو إيذاء غيره:

 

يعتبر الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية من أخطر الصلاحيات والسلطات التي خولها المشرع لضباط الشرطة القضائية أثناء البحث في جريمة لتعلقها بحرية الإنسان وأمنه القانوني ولذلك نظم المشرع هذا المقتضى وقيده بشروط خاصة ضمانا لإجراءات البحث في هذا السياق نجد المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية قد استوجبت لوضع المشتبه به تحت الحراسة النظرية أن تكون الجريمة المرتكبة جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس.وبالرجوع إلى ظهير 21/05/1974 نجد أن جريمة استهلاك أو استعمال المخدرات تعتبر جنحة يعاقب عليها المشرع بعقوبة حبسية حيث نص الفصل الثامن من ظهير 21/05/1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات على أنه :
” يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات.”
هذا وتجدر الإشارة أن الغاية من وضع مستعملي المخدرات تحت تدابير الحراسة النظرية هو حمايته من إيذاء نفسه أو إيذاء غيره وفي هذا حماية لمستعمل المخدرات وفي هذا السياق وفي إطار الممارسة العملية نجد بعض نواب وكيل الملك ينتقلون إلى مخافر الضابطة القضائية لاستنطاق المعتقلين من مستعملي المخدرات من الذين تم إيقافهم ويتم الإفراج عنهم فورا وتحدد لهم جلسة لمحاكمتهم وفي هذا ضمان لكرامة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية لتفادي الاكتظاظ الذي تعرفه بناية المحكمة الابتدائية وتفادي اختلاطهم مع باقي الأشخاص المقدمين من أجل جرائم أكثر خطورة.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن محاكم الموضوع لا تعاقب الأشخاص المتابعين من أجل جنحة حيازة واستهلاك المخدرات إلا بعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ وغرامة مالية بسيطة.
كما تجدر الإشارة أن مستعملي المخدرات لا يتم إيداعهم بالسجن إلا إذا اقترن ذلك بارتكاب جرائم أكثر خطورة مثل جرائم السرقات أو الاعتداءات بالسلاح الأبيض أو جرائم القتل لما فيها من مساس بالنظام العام وبالسلامة الجسدية للأشخاص أو بممتلكاتهم.

3) تفعيل آلية علاج المدمن على المخدرات بدل آلية العقاب:

 

نص الفصل الثامن من ظهير 21/05/1974 على آلية لحماية مدمني المخدرات وذلك بتكريس آلية العلاج بدل آلية العقاب والزجر حيث نص على أنه :
” يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات.
غير أن المتابعات الجنائية لا تجري إذا وافق مرتكب الجريمة بعد فحص طبي بطلب من وكيل جلالة الملك على الخضوع خلال المدة اللازمة لشفائه إلى علاجات القضاء على التسمم التي تقدم أما في مؤسسة علاجية طبق الشروط المنصوص عليها في الفصل 80 من القانون الجنائي وإما في مصحة خاصة تقبلها وزارة الصحة العمومية،ويجب في هاتين الحالتين أن يفحص الشخص المباشر علاجه كل خمسة عشر يوما طبيب خبير يعينه وكيل جلالة الملك ويؤهل هذا الطبيب وحده للبث في الشفاء.
ويصدر وزير العدل بعد استشارة وزير الصحة العمومية قرارا تحدد فيه الشروط التي قد تمكن في بعض الحالات الاستثنائية المتعلقة بالقاصرين على الخصوص من معالجتهم في وسط عائلي.
وتجرى المتابعة الجنائية فيما يخص الأفعال المنصوص عليها في المقطع الأول بصرف النظر عن المتابعات الخاصة بالجريمة الجديدة إذا عاد الشخص خلال أجل الثلاث سنوات الموالية لشفائه إلى ارتكاب جنحة استعمال المخدرات أو ترويجها.
وإذا فتح بحث جاز لقاضي التحقيق بعد استشارة وكيل جلالة الملك الأمر بإجراء علاج للمعنى بالأمر طبق الشروط المقررة في المقطعين 2 و3 أعلاه، ويواصل عند الاقتضاء تنفيذ الوصفة المأمور فيها بالعلاج المذكور بعد اختتام إجراءات البحث.
وإذا تملص الشخص المأمور بعلاجه من تنفيذ هذا الإجراء طبقت عليه العقوبات المقررة في الفصل 320 من القانون الجنائي.
وتطبق مقتضيات الفصل 80 من القانون الجنائي فيما إذا أحيلت القضية على هيئة الحكم. “
والسيد رئيس النيابة العامة في منشوره رقم 01 المشار إليه أعلاه حث كافة قضاة النيابة العامة على تفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي وعلى ضرورة تكريس الدور الإيجابي للنيابة العامة في تفعيل العدالة التصالحية التي جعلها المشرع من أولويات السياسة الجنائية كبديل لتحريك الدعوى العمومية في بعض القضايا لتخفيف العبء على المحاكم من جهة ومن جهة أخرى من أجل الحفاظ على ترابط العلاقات الاجتماعية.
في هذا الإطار تعتبر هذه الآلية العلاجية فرصة