بقلم : عزالدين قدوري
تاوريرت، مدينة تعيش اليوم على وقع إيقاع بطيء، يكاد يكون متوقفا، حاملا معه خيبة أمل كبيرة لساكنتها وتطلعاتها المعلقة. فبين مشاريع متوقفة وأخرى متعثرة، وبنية تحتية هشة، وحركة اقتصادية مشلولة، تبدو تاوريرت وكأنها في قاعة إنعاش تنتظر رؤيتها لبقعة ضوء تبعث الأمل من جديد.
لطالما كان الحديث عن المشاريع التنموية في تاوريرت يثير حماس الساكنة، لكن سرعان ما تحول هذا الحماس إلى إحباط مع كل مشروع يتوقف أو يتأخر. فالعديد من الورشات، التي كان ينتظر منها أن تحدث نقلة نوعية في المدينة، أصبحت اليوم مجرد هياكل خرسانية مهجورة، أو أوراشا تسير بخطى السلحفاة، دون أن يلوح في الأفق أي موعد محدد لإنجازها.
والمفارقة الغريبة أن الساكنة تقف مذهولة وهي ترى أموالا هامة تضخ في سلسلة معارض متتابعة ، بالرغم من هذا المستوى المتدهور.
هذه المشاريع المتوقفة أو المتأخرة، لا تقتصر آثارها على الجانب المادي فقط، بل تمتد لتضرب في العمق الثقة بين المواطن والمسؤول، وتزيد من الشعور باللامبالاة واليأس. فالمشاريع التي كان من المفترض أن تخلق فرص شغل للشباب، وتنشط الدورة الاقتصادية، أصبحت اليوم عبئا إضافيا على كاهل المدينة، ومصدرا للتساؤلات حول أسباب هذا التعثر وغياب المحاسبة.
و لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية دون بنية تحتية قوية ومتطورة. وهو ما تفتقر إليه تاوريرت بشكل واضح. فالطرقات المهترئة، وشبكات الصرف الصحي التي لا تفي بالغرض، ونقص التجهيزات الأساسية في الأحياء، كلها عوامل تزيد من معاناة الساكنة، وتعكس صورة قاتمة عن واقع المدينة.
هذه البنية التحتية الهشة، لا تؤثر فقط على جودة حياة المواطنين، بل تعيق أيضا أي محاولة لجذب الاستثمارات، أو تشجيع المبادرات الاقتصادية. فالمستثمر يبحث عن بيئة جاذبة، توفر له كل الظروف المواتية للعمل، وهو ما لا توفره تاوريرت حاليا بالشكل المطلوب.
كل هذه المشاكل تنعكس بشكل مباشر على الحركة الاقتصادية للمدينة، التي تبدو مشلولة إلى حد كبير. فالمحلات التجارية تعاني من الركود، والأسواق تعرف حركة ضعيفة، وفرص الشغل تكاد تكون منعدمة. هذا الوضع يدفع بالعديد من الشباب إلى الهجرة نحو المدن الكبرى، أو البحث عن فرص خارج الوطن، مما يفرغ المدينة من طاقاتها الحيوية.
إن غياب رؤية اقتصادية واضحة، وعدم وجود دعم حقيقي للمقاولات الصغرى والمتوسطة، وغياب المبادرات الهادفة إلى تنشيط الدورة الاقتصادية، كلها عوامل تساهم في هذا الركود الذي يهدد مستقبل المدينة.
إن ما تعيشه مدينة تاوريرت اليوم، هو نداء واضح للمسؤولين، على المستويين المحلي والوطني، من أجل التحرك العاجل والفوري. فالمدينة تستحق الأفضل، وساكنتها تتطلع إلى مستقبل أفضل.
الأمر يتطلب فقط وضع خطة تنموية شاملة، مبنية على دراسات دقيقة، وتشمل إطلاق المشاريع المتوقفة، وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع المتأخرة، وتأهيل البنية التحتية، وتنشيط الحركة الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل للشباب. كما يتطلب الأمر تفعيل آليات المحاسبة والشفافية، لضمان عدم تكرار الأخطاء السابقة، وبناء الثقة بين المواطن والمسؤول.
فمن العار أن تكون مدينة مثل تاوريرت، ذات التاريخ العريق والموقع الاستراتيجي، و تمتلك كل المقومات التي تجعل منها قطبا اقتصاديا وتنمويا في الجهة الشرقية.أن تكون في الحضيض. إن ضخ دماء جديدة في هذه المدينة لن يتأتى إلا بتضافر الجهود، وبإرادة حقيقية للتغيير، وبوضع مصلحة المدينة وساكنتها فوق كل اعتبار.
بلاغ امني : مستجدات في قضية الشابة ضحية الإجهاض .
هذه هي حقيقة مدينة تاوريرت .. بــدون روتــوش







من كان يعبد هبلا فان هبل قد رحل .....







